يتابع الصوماليون ثورات الشباب المندلعة في أكثر من دولة عربية خاصة مصر التي تربطها مع الصومال علاقات تاريخية وثقافية عميقة الجذور.
وأعطى المحلل الصومالي حمزة عبده بري براءة اختراع نشأة الثورات العربية الحالية لشباب تونس، بينما منح براءة حسن ودقة التنظيم لثورة شباب مصر مما جعلهم محل إشادة وترحيب لدى الشعب الصومالي، وشعوب العالم قاطبة.
عودة مصر إلى جذورها
فقد أجمع كل من استطلعت الجزيرة نت آراءهم عن مسار الثورة المصرية على خمس نقاط رئيسية، أولاها إعجابهم بالثورة المصرية بدقة التنظيم وإحياؤها قيم الوحدة الوطنية، وصمود شبابها وتضحياتهم في ثورتهم السلمية أمام البلطجية.
"
صوماليون يرون ضرورة استعادة مصر دورها التاريخي في الصومال بغية حماية مصالحها الإستراتيجية
"النقطة الثانية هي ضرورة حفظ مكتسبات الثورة بإحداث تغييرات جوهرية وجذرية وليست شكلية، أما الثالثة فتتمثل في القلق والخوف من أن تنزلق الثورة نحو حرب أهلية على غرار ما حدث في الصومال.
والرابعة هي ضرورة استعادة مصر دورها التاريخي في الصومال بغية حماية مصالحها الإستراتيجية في منطقة شرق أفريقيا عموما، وفي القرن الأفريقي على وجه الخصوص.
والنقطة الأخيرة تتمثل في ضرورة عودة مصر إلى جذورها التاريخية المتصلة بالإسلام باعتباره "الحل الأمثل" لأزمات شعب مصر المتراكمة طيلة العقود الماضية.
الجزيرة مصدر المعلومات
يقول الكاتب والمحلل الصومالي حسين عبده آدم إن المجتمع الصومالي يهتم بأخبار الثورات العربيةرغم المآسي المحيطة به عبر الفضائيات مثل الجزيرة والإذاعاتالمحلية التي تعطي مساحات كافية لتغطية أحداث الثورات العربية مراعاة لرغبات المشاهدين والمستمعين.
ويشير إلى أن الردود الصوماليين حيال تلك الثورات –وخاصة الثورة المصرية- اتسمت بالخوف والتفاؤل معا، فالمجتمع الصومالي كغيره من المجتمعات يحبالحرية ويكره الدكتاتورية والاستبداد.
وفي هذا السياق يقول أحمد –وهو مالك أحد المطاعم في كيسمايو- إن الزبائن يطلبون دوما مشاهدة قناة الجزيرة لمتابعة أخبار العالم عموما، وأخبار الثورات العربية خصوصا، مؤكدا "العلاقة الوطيدة" بين المشاهد الصومالي وقناة الجزيرة.
كارثة إستراتيجية
وعبر المحلل الصومالي حمزة عبده بري عن خيبة أمله بانكماش الدور المصري في العقود الثلاثة الأخيرة في الصومال، ووصف هذا التراجع بكارثة إستراتيجية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات العربية.
وأضاف حمزة أن تراجع دور مصر في الصومال -وفي القرن الأفريقي عموما- فتح الباب لدول أفريقية "تكره العرب والمسلمين"، مشيرا إلى أن دول حوض النيل الأفريقية بقيادة إثيوبيا تبنت سياسية مائية تقوم على توزيع حصص مياه النيل من جديد بطريقة "تهدد" الأمن القومي المصري.
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل الصومالي حسين عبدو آدم أن تراجع أهمية مصرودورها إقليميا ودوليا يعود إلى ما وصفه بالفساد والدكتاتورية، حيث "لم تعد مصر تهتم بالقضايا الإستراتيجية المتصلة بحياةمواطنيها" مثل القضية الفلسطينية وقضية مياه النيل وقضايا الأمة العربية الأخرىمثل الصومال والسودان.
وأضاف حسين في حديثه للجزيرة نت "لولا الدكتاتورية الفاسدة في مصر لما انفصل جنوب السودان، ولم يعش أهل غزةتحت الحصار الظالم، ولم تعبث إثيوبيا بالأراضي الصومالية دون خوف".
فجر جديد
ويرى حسين -كغيره من الصوماليين الذين استطلعت الجزيرة نت آراءهم- أن إسقاط الدكتاتورية في مصر يمثل الخطوة الأولى لاستعادة أرض الكنانة دورهاالريادي في المنطقة، خاصة في القرن الأفريقي، كقوة إقليمية مع تفاؤل بقدوم الفجر الجديد للأمتين العربية والإسلامية.
ولميخف الصوماليون قلقهم من إجهاض الثورة المصرية والانزلاق نحو الحروب والصراعات الأهلية في اليمن وليبيا، أو إخراج أنظمة استبدادية جديدة، وما تشهده ليبيا الآن من عنف مسلح ينذر بكارثة أهلية على غرار ما وقع في الصومال إثر انهيار الدولة الصومالية عام 1991.
حمزة عبده برى وصف انكماش دور مصر في القرن الأفريقي بكارثة إستراتيجية (الجزيرة نت)
من جانبه تحدث الكاتب الصومالي عبد النور محمد للجزيرة نت عن انتقال تداعيات الثورة المصرية إلى القرن الأفريقي حيث شهدت جيبوتي اضطرابات كادت أن تهز أركان النظام.
وقال إن الشباب في الصومال يتمنون اندلاع ثورة ضد العنف والاستبداد والفقر والتدخل الأجنبي العسكري في شؤون بلدهم، بيد أنهم غير قادرين -حسب تعبير عبد النور- على ترجمة أفكارهم وأقوالهم إلى أفعال نتيجة تناقضات المشهد الصومالي برمته.
وعن تأثير الثورة المصرية على الأزمة الصومالية، توقع المحلل الصومالي حمزة عبده بري قرب حل المشكلة الصومالية، إذا استعادت مصر دورها الإستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي ووقفت مع الصوماليين أمام تهديد الدول الأفريقية المعادية لهم.