انتخبت هيئة التدريس في كلية الآداب في جامعة أسيوط بمصر أمس الاثنين الدكتور طه أحمد المستكاوي عميدا لها في أول انتخابات تشهدها الجامعات المصرية لاختيار عمدائها في منحنى يعكس التغييرات التي طالت العمل الأكاديمي في مصر بعد الثورة الذي ظل خاضعا لتحكم أجهزة الأمن في تعيين قياداته.
وأسس أساتذة وأكاديميون قبل سنوات حركة أطلقوا عليها "حركة 9 مارس" تهدف لاستقلال الجامعات وإخراج الحرس التابع للداخلية منها، وإنهاء سلطة أجهزة الأمن على اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الاتحادات الطلابية.
ووضعت القوى الوطنية استقلال الجامعات وحرية النشاط الطلابي ضمن حزمة الإصلاحات التي ناضلت من أجلها ضد النظام السابق، كما تضمنت العديد من برامج الأحزاب والقوى السياسية تأكيدات واضحة على استقلال الجامعات وتطوير آلية اختيار قياداتها.
وعقب خلو منصب عميد كلية الآداب بجامعة أسيوط قبل أيام لتجاوزه السن القانوني، طرح رئيس الجامعة مبادرة باختيار العميد الجديد بانتخابه من قبل هيئة التدريس بالكلية.
وقال أحمد عبد الله المسؤول بمكتب عميد الكلية للجزيرة نت إن 7 أساتذة تنطبق عليهم الشروط الخاصة بالدرجة العلمية (الأستاذية) ويمثلون أقسام الكلية المختلفة تقدموا للترشح، وأوضح أن المرشحين عرضوا الأسبوع الماضي برامجهم الانتخابية على ناخبيهم وهم نحو 120 من أعضاء هيئة التدريس.
وجرت الانتخابات -التي تعهد المرشحون بقبول نتيجتها وعدم الطعن فيها- على جولة واحدة مساء الاثنين بحضور كل أعضاء هيئة التدريس ومسؤولين من إدارة الجامعة، وانتهت بفوز المستكاوي عميدا للكلية.
وقبل إعلان النتائج صرح العميد الأسبق الدكتور ناصف شاكر -أحمد المرشحين السبعة- للجزيرة نت بأن ثورة 25 يناير أنهت القيود الأمنية والإدارية على السلك الأكاديمي، ومهدت لمرحلة جديدة تسمح بعودة دور الأساتذة ليس فقط داخل الجامعات ولكن في المجتمع عامة.
وقال "بانتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ووكلائهم تسقط سيطرة الأمن على الجامعات، وتبدأ مرحلة جديدة من انطلاق العمل الجامعي"، وأكد أن رئيس الجامعة أبلغهم بأن نتائج انتخابات الاثنين لن تعرض على أي جهة أمنية وسيصادق عليها فورا.
وأشار إلى وجود ترحيب كبير من أساتذة كلية الآداب والجامعات المصرية الذين أبلغوهم تأييدهم لهذه المبادرة وتشجيعهم لتطبيقها بجامعات أخرى، لافتا إلى تأييد الطلاب للمبادرة عبر تنظيمهم مسيرة بالكلية تطالب بإطلاق حرية العمل الطلابي وخروج الحرس الجامعي.
واستبعد شاكر أن تفضي الانتخابات إلى اختيار عميد كلية يتمتع بحب الناس أكثر من تمتعه بالكفاءة، مؤكدا أن الناخبين من مستوى ثقافي وعلمي مرتفع، وأن استقلالية الجامعة وتحصين حقوق الأساتذة والطلاب هي المعيار الأول للاختيار.
عودة: النظام السابق عبث بقانون الجامعات (الجزيرة نت)
بداية الإصلاح
من جانبه، رحب أستاذ العلوم بالجامعة عضو مجلس أمناء ثورة 25 يناير، الدكتور خالد عبد القادر عودة بإقرار الانتخابات لاختيار العميد، وأكد أن ذلك لم يكن ليحدث لولا الثورة، معتبرا أن ذلك بداية لإصلاح الجامعات، وعودة للنظام الذي كان متبعا حتى ثمانينيات القرن الماضي، وحافظ على استقلالية وتطور للعمل الأكاديمي.
وقال إن النظام السابق عبث بقانون الجامعات كما فعل مع القضاة، فأصبح رئيس الجمهورية يعين رؤساء الجامعات، وتكون عضويتهم بالحزب الوطني شرطا لاختيارهم إلى جانب موافقة الأمن، ما حول الجامعات المصرية إلى بؤر فساد لأعضاء الحزب، وأقصيت بسبب ذلك الكفاءات الإدارية والعلمية.
وأشار إلى أن وزير التعليم العالي الجديد أحمد جمال الدين أكد أثناء اجتماعه بـ18 رئيسا لجامعة مصرية ضرورة عودة نظام انتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، وقطع الاتصالات بالأجهزة الأمنية وإلغاء الحرس الجامعي وتشكيل آخر من المدنيين، وحل الاتحادات الطلابية.
واعتبر عودة أن نظام التعيين السابق سمح بتولي "عناصر متسلقة" مسؤولية وضع المناهج ابتداء من اللجان المتخصصة في الأقسام المختلفة بالكليات، ما ساهم في تراجع المستوى التعليمي، فضلا عن إهمال المبادرات والأفكار العلمية لتطوير العملية التعليمية والارتقاء بعناصرها سواء كانوا طلابا أم أساتذة أم أدوات تكنولوجية حديثة.
وانتقد المتخوفون من آلية الانتخاب كونها قد تحول الجامعة إلى منابر للتنافس على المناصب، وقال إن رئيس الجامعة أو عميد الكلية يعمل وفق آلية مؤسسية تعتمد على مشاركة أعضاء مجلس الجامعة أو الكلية في اتخاذ القرار، معتبرا أن "الرافضين لطريقة الانتخاب هم من المنتفعين الذين تولوا مناصبهم عبر المحسوبية والاتصال بالأجهزة الأمنية".
وطالب الأكاديمي المصري بسرعة تحويل مبادرة وزير التعليم العالي إلى قرارات يعدل وفقها القانون الحالي لضمان استقلالية الجامعات "وحتى لا يعيد أي حزب أو قوى وطنية تصل إلى السلطة، سيناريو الحزب الوطني في السيطرة على الجامعات".