اللواء حسن الرويني يخطب في الجموع بميدان التحرير (الجزيرة نت)
محمود جمعة-القاهرة
قاد مسؤول رفيع بالجيش المصري للمرة الأولى هتافات آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا في ميدان التحرير بقلب القاهرة للتنديد بالأحداث الطائفية التي شهدتها البلاد مؤخرا. وطالب المتظاهرون بحل جهاز أمن الدولة والحزب الوطني (الحاكم سابقا) اللذين حملوهما مسؤولية أحداث الفتنة الطائفية.
ودعا نشطاء لمسيرة من ميدان التحرير إلى قرية صول بأطفيح جنوبي القاهرة التي شهدت هدم جزء من كنيسة على خلفية توتر طائفي نتج عن مشكلة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، وهي الأحداث التي انتقل صداها لمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، فوقعت اشتباكات بين مسلمين وأقباط خلفت عدة قتلى من الجانبين قبل أن يتدخل الجيش ويحتوي الموقف.
وعلى بعد مئات الأمتار من مبنى التليفزيون حيث يواصل آلاف الأقباط اعتصاما بدؤوه قبل أسبوع للتنديد بهدم كنيسة الشهيدين، وقف اللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية على المنصة الرئيسة بميدان التحرير حاملا مصحفا وصليبا، مؤكدا نجاح الثورة ومرددا هتافات تدعو للوحدة الوطنية.
وقال الرويني مخاطبا نحو 30 ألف متظاهر "إن هذه ثورتكم، مسلمين وأقباطا، ولا تسمحوا لأحد أن يفسدها عليكم أو يدخل بينكم"، في إشارة إلى ما ردده المتظاهرون حول تورط فلول النظام السابق وضباط جهاز مباحث أمن الدولة في تأجيج هذه الأحداث الطائفية.
وجدد الرويني تعهد الجيش المصري بحماية ثورة 25 يناير، وعدم السماح لما بات يعرف بـ"الثورة المضادة" بإجهاض الثورة، وحذر من أن "الموضوع الطائفي" خط أحمر وأن "كل من يقترب منه ستحرقه النار".
وأشار القائد العسكري الرفيع إلى استقرار الأوضاع في قرية "صول" بعد زيارات من شخصيات إسلامية وعامة، وقال "لا تصدقوا أن هناك (في القرية) مشكلة بين المسلمين والمسيحيين، الناس هناك متعايشون منذ آلاف السنين، وما حدث مشكلة بين ولد وبنت، أي مشكلة اجتماعية وليست طائفية"، داعيا "الشباب المصري الواعي إلى القيام بتوعية المجتمع بالمحاولات الدائرة للنيل من استقرار الوطن".
وقاطع المتظاهرون كلمة الرويني مرارا مرددين هتافات تطالب بإلغاء جهاز أمن الدولة ومحاكمة قادته، وحل الحزب الوطني الديمقراطي ومحاكمة رموزه، وفي مقدمتهم الرئيس المخلوع حسني مبارك ، كما رفع آخرون لافتات كتبوا عليها مطالب أهمها تشكيل مجلس رئاسي بعضوية أحد العسكريين لتولي إدارة المرحلة الانتقالية، ورفض التعديلات الدستورية المطروحة والمطالبة بكتابة دستور جديد.
متظاهرون رفعوا المصحف والصليب للتأكيد على الوحدة الوطنية (الجزيرة نت)
محاولة مدبرة
ثم تحدث أحد القساوسة الذي أكد أن ما شهدته قرية "صول" هو محاولة مدبرة من أعضاء سابقين بالحزب الوطني وضباط أمن الدولة لإشعال الفتنة الطائفية، وطالب بسرعة اعتقال المتورطين في حادث هدم الكنيسة وإعادة بنائها ليعود الهدوء الكامل إلى القرية.
وحذر القس الذي كان يتحدث ممسكا بنسخة من القرآن الكريم ونسخة من الإنجيل معا، مما وصفه بـ"سيناريو أسود" يستهدف ضرب الوحدة الوطنية، عبر إثارة الشائعات بإحراق كنائس أو مساجد، أو الاعتداء على أقباط بمناطق ذات غالبية مسلمة والعكس، داعيا وسائل الإعلام المحلية والخارجية "ألا تكون لعبة بيد هؤلاء أو وسيلة لإثارة التوتر الطائفي، والاعتماد على المصادر الرسمية في هذا الشأن".
وكان المتظاهرون قد أدوا صلاة الجمعة بالميدان، التي شهدت ترديد هتافات تدعو لمحاسبة المسؤولين عن الانفلات الأمني والتوتير الطائفي، وتكرر المطالبة بحل جهاز أمن الدولة والحزب الوطني.
وقال خطيب الجمعة الشيخ مظهر شاهين إن رأس النظام قد سقط "لكن أذنابه تنتشر في كل المحافظات عبر شبكة مسؤولين أمنيين وتنفيذيين زرعهم الحزب الوطني عبر 30 عاما في كافة المواقع المسؤولة"، وطالب بسرعة حل المجالس المحلية ومحاسبة القيادات الأمنية "لوأد الفتنة في مهدها".
ودعا شاهين المصريين إلى التعاون مع "رجال الشرطة الشرفاء الذين عادوا إلى الشوارع، ومساعدتهم على تطبيق القانون"، كما دعا إلى دعم حكومة عصام شرف وإعطائها الوقت الكافي لإنجاز أهداف الثورة".