آفــــة الكبر والغرور :قال صلى الله عليه وسلم : ((من تواضع لله درجة رفعه الله درجة)) رواه بن ماجة .
أما الكِبْر نسأل الله العافية، حذر منه النبي -عليه الصلاة والسلام- أشد التحذير وقال : ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) وهذا من نصوص الوعيد ، و قد يصل بالشخص إلى أن يرد الحق، ويبطر الحق عناداً ومحادةً، وحينئذٍ يكون الحديث على بابه، لا يدخل الجنة مثل هذا، ومن الكبر ما هو دون ذلك يخالط قلب الإنسان ويحتقر الناس؛ لكنه لا يصل إلى حدٍ يبطر الحق فيرده بالكلية، هذا أمره أقل مما سبق، وشأنه عظيم أيضاً ؛ لأن احتقار الناس يتضمن العجب والغرور، الإعجاب بالنفس، وهذه خصلة ذميمة، وأثره على دين العبد بالغ وكبير.
قال رجل: يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسناً ونعلي حسناً أفذلك من الكبر؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس)) رواه مسلم . بطر الحق أي رد الحق، إذا خالف هواه رده، وغمط الناس أي احتقار الناس، فالناس في عينه دونه، يحتقرهم، يرى نفسه فوقهم؛ إما لفصاحته وإما لغناه وإما لوظيفته، وإما لأسباب أخرى يتخيلها.
أما التواضع فهو لين الجانب، وحسن الخلق، وعدم الترفع على الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)) رواه الترمذي . فليتذكر عظمة الله ويتذكر أن الله هو الذي أعطاه المال، وأعطاه الوظيفة، وأعطاه الجاه وأعطاه الوجه الحسن، أو غير ذلك، يتذكر أن من شكر ذلك التواضع وعدم التكبر، لا يتكبر لمال أو لوظيفة أو لنسب أو لجمال أو لقوة أو لغير ذلك، بل يتذكر أن هذه من نعم الله، وأن من شكرها أن يتواضع وأن يحقر نفسه، وألا يتكبر على إخوانه ويترفع عليهم، فالتكبر يدعو إلى الظلم والكذب، وعدم الإنصاف في القول والعمل، يرى نفسه فوق أخيه؛ إما لمال وإما لجمال وإما لوظيفة وإما لنسب وإما لأشياء متوهمة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((الكبر بطر الحق وغمط الناس)) رواه مسلم . يعني رد الحق إذا خالف هواه هذا تكبر، وغمط الناس هو احتقار الناس، يراهم دونه وأنهم ليسوا جديرين بأن ينصفهم أو يبدأهم بالسلام، أو يجيب دعوتهم أو ما أشبه ذلك. وإذا تذكر ضعفه وأنه من نطفة ضعيفة من ماء مهين وأنه يحتاج إلى حمام لقضاء الحاجة ، وأنه إذا لم يستقم على طاعة الله صار إلى النار عرف ضعفه، وأنه مسكين ولا يجوز له أن يتكبر.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا " صحيح البخاري
هذه هي قلوب المؤمنين، إذا ناموا في الليل قلوبهم سليمة إذا وجدوا المسلمين ورائهم وسلموا ما سلموا فقط بالأيادي سلامهم بالقلوب، قبل أن يكون بالأيادي، يبشون بالوجوه وقلوبهم نظيفة .جعلني الله وإياكم من أصحاب القلوب السليمة ...