تباين المواقف تجاه أزمة اليابان النووية(الفرنسية)
كتبت كريستيان ساينس مونيتور أن الانصهار الذي حدث في تشرنوبل في روسيا وجزيرة ثري مايل في ولاية بنسلفانيا الأميركية لم يوقف نمو الطاقة النووية. ومن ثم تساءلت هل أزمة اليابان النووية في فوكوشيما ستؤجل أو تنهي عصر النهضة النووية؟
وقالت الصحيفة إن حكومات العالم بدأت تضغط لإغلاق المحطات النووية من أجل مراجعة السلامة وإعادة تقييم سياسة الطاقة. حتى المؤيدين الراسخين في البرلمان الأميركي بدؤوا يدعون إلى تعليق مؤقت للمحطات النووية الأميركية الجديدة لأخذ دروس من مأساة اليابان. وتأييد الشعب الأميركي للتطور النووي انخفض 10 درجات، من 57% قبل أسبوع من زلزال اليابان يوم 11 مارس/آذار الجاري إلى 47% بعد الزلزال بأسبوع.
لكن على الرغم من كل ذلك، يقول مراقبو الصناعة النووية إن من غير المرجح أن توقف فوكوشيما تطور الطاقة النووية في عالم يلهث من أجل بديل نظيف وغير محدود لطاقة الوقود المتحجر ولأن البدائل قليلة لتوفير احتياجات العالم من الكهرباء.
ويقول خبراء إن كارثة اليابان من المحتمل أن تبطئ انتشار محطات نووية جديدة بزيادة أنظمة السلامة وتشديد المعارضة الشعبية وزيادة كبيرة في تكلفة رأس المال لتمويل التشييد الباهظ الثمن.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن الطاقة النووية توفر 14% من الكهرباء العالمية، فإن هناك كثيرا من الدول تعتمد عليها بشدة مثل فرنسا التي تحصل على 75% من طاقتها من التقنية النووية واليابان 30% والولايات المتحدة 20%.
كما أن الطاقة النووية تبرز بقوة كبيرة في اقتصاد الصين المتصاعد حيث إن لديها 13 محطة طاقة نووية عاملة وهناك 27 أخرى تحت الإنشاء. وقد كان إغراء الطاقة النووية الكبير دائما هو فكرة الطاقة الرخيصة وغير المحدودة بالإضافة إلى مقاومتها للاحترار العالمي.
كما أن الأميركيين أيدوا هذه النهضة وبعد 25 عاما بدون حادثة واحدة رئيسية، وجد مركز غالوب لاستطلاع الرأي أن 62% من الأميركيين يؤيدون الطاقة النووية، وهذه أعلى نسبة منذ طرح السؤال عام 1994.
وقبل فوكوشيما كان هناك أكثر من 60% من المفاعلات النووية قيد الإنشاء في 15 دولة، بما في ذلك الصين وروسيا وكوريا الجنوبية، وكانت هناك دول أخرى مثل الأردن والسعودية وتايلند والفلبين تسعى لبناء أول مفاعل لها.
تباين المواقف
وأشارت الصحيفة إلى موقف الرئيس أوباما من التساؤل الذي طرحته في البداية عندما سارع بالقول إن تجربة اليابان لن تمنع أميركا من بناء محطات نووية جديدة.
لكن فوكوشيما فجرت في الاتحاد الأوروبي طفرة من المراجعات عندما قرر إجراء اختبارات ضغط لتأثير التسونامي والزلازل والهجمات الإرهابية وضياع الطاقة في 143 محطة نووية. ومن جانبها لن تجدد سويسرا تصاريح التشغيل لثلاث من محطاتها النووية الخمس.
أما ألمانيا فقد أعلنت أنها ستشكل جدولا زمنيا للخروج من الطاقة النووية، وأغلقت سبعا من أقدم محطاتها النووية لمراجعة السلامة لمدة ثلاثة أشهر مع احتمال إغلاقها جميعا بصفة دائمة.
وفي آسيا علقت الصين الموافقات على المحطات الجديدة حتى تجري فحوصات السلامة على المحطات الحالية وتلك التي تحت الإنشاء. وستعيد تايلند تقييم موقفها بشأن ما إذا كانت ستبني أول محطة نووية جديدة. وقال رئيس فنزويلا إنه لن يواصل الخطط السابقة لمحطة نووية. لكن في المقابل كررت السويد اقتناعها بعدم شطب مفاعلاتها النووية العشر. وستواصل إندونيسيا بناء مفاعلاتها الأربعة.
أما في فرنسا، أكثر الدول طموحا في البرامج النووية، فقد طالب قادة البرلمان بدراسة "مستقبل الصناعة النووية الفرنسية". وعلق أحد الخبراء بأن فرنسا واليابان ستمضيان في التقنية النووية لأنهما لا تمتلكان إلا القليل من النفط والفحم.
وقالت الصحيفة إن أكبر العوائق أمام جيل طاقة نووية جديد قد لا تأتي من الساسة أو المنظمين أو شعب خائف. فقد رفض سوق المال في وول ستريت التعهد بتمويل قروض لأي محطة نووية ما لم يكن هناك ضمان 100% للقرض من قبل الحكومة الفدرالية.
وكارثة فوكوشيما تعني أن تكلفة الإقراض لمثل هذه المحطات ستكون أعلى، وهذا يثير تساؤلا: هل محطات الطاقة النووية -التي يتكلف بناء الواحدة منها 10 مليارات دولار- ستكون باهظة أكثر من اللازم لبنائها؟