طائرة بريطانية استهدفت المضادات الجوية التابعة للنظام الليبي (رويترز)
إلى أين تسير الحملة العسكرية الدولية في ليبيا؟ وما أهدافها؟ وهل
معمر القذافي هدف
شرعي؟ وما هي الرؤية للمرحلة ما بعده؟ أسئلة طرحتها مقالات الرأي في الصحف
البريطانية التي تضمنت أيضا مقالات حذرت من فقد الدعم العربي.
قالت صحيفة ذي غارديان إنه كلما طال أمد الحملة العسكرية في ليبيا، طفت القضية الرئيسية على السطح، وهي إلى أين تسير هذه الحملة؟
وطرحت
الصحيفة عدة تساؤلات: إذا ما كان الثوار يفتقرون إلى الوسائل العسكرية
للاستيلاء على المدن الليبية، فهل ستتولى طائرات التحالف الحربية المهمة؟
وإذا لم يتم ذلك، فهل سيقبل
المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي بالتقسيم؟ وتجيب الصحيفة على السؤالين بالنفي.
وأشارت
إلى أن أعضاء المجلس الوطني أعربوا عن مخاوفهم من أن تؤدي الحملة العسكرية
المحدودة إلى جمود عسكري، ودعوا إلى تصعيد الضربات الجوية للقضاء على جيش
القذافي، وهذا ما اعتبرته الصحيفة منطق التدخل، ولكنه "لا يدخل ضمن صلاحيات
القرار الأممي".
واختتمت بأن الضربات الجوية بدأت قبل ثلاثة أيام لإنقاذ الأبرياء، ولكنها سرعان ما أصبحت جزءا من الحرب.
"
فايننشال تايمز :
بعض الشخصيات الأميركية والبريطانية تشدد على أن المهمة يجب أن تتخطى حدود القرار 1973
"أهداف التدخل
صحيفة فايننشال تايمز سلطت الضوء أيضا على الأسئلة التي تطرح في جميع العواصم المعنية بعد يومين من العمل العسكري.
ومن
هذه الأسئلة: ما هو الهدف من حرب التحالف؟ وهل يقتصر الهدف على "حماية
المدنيين" كما ينص عليه القرار الأممي؟ وهل يتعين على التحالف تجاوز ذلك
إلى الإطاحة بنظام القذافي؟
بعض الشخصيات الأميركية والبريطانية تشدد على أن المهمة يجب أن تتخطى حدود قرار مجلس الأمن رقم 1973.
وتنسب
فايننشال تايمز إلى الجنرال كارتر هام الذي يقود العملية العسكرية قوله
"لست مفوضا بالهجوم على القذافي ولن نفعل ذلك، ولن نبحث عن مكانه أو أي شيء
من هذا القبيل".
غير أن بعض الخبراء العسكريين البارزين -تقول الصحيفة- يعتقدون أن اعتبار التحالف للقذافي هدفا أمر مبرر.
كما
تشير الصحيفة إلى أن الأمر الذي يقتضي التوضيح من قبل التحالف لا يقتصر
على مسألة استهداف القذافي، بل يتجاوز ذلك إلى وجهة نظره حيال ما إذا
كان يسعى إلى تحقيق نصر كاسح للثوار ضد القذافي.
تشويش
من
جانبها انتقدت صحيفة ديلي تلغراف ما يوصف بالتشويش الذي أحدثه التصريحات
المتناقضة بين القيادة السياسية والعسكرية في بريطانيا إزاء قضية استهداف
القذافي، وحتى الهدف من الحملة العسكرية برمتها.
وقالت
الصحيفة في افتتاحيتها إن من حق الطيارين البريطانيين أن يعرفوا لماذا
يخاطرون بحياتهم في ليبيا، معربة عن أسفها إزاء ما وصفته بالتوضيح غير
المنسجم الذي قدمته الحكومة البريطانية.
وتعليقا
على التناقض بين رؤية وزير الدفاع ليام فوكس الذي يعتبر القذافي هدفا
شرعيا، وقائد الجيش ديفد ريتشاردز الذي نفى ذلك، قالت ديلي تلغراف إن هذا
الأمر –ولا سيما في وقت الحرب- لا يغتفر.
وختمت
بالقول إنه إذا ما تجاوزت المشاركة في ليبيا الحدود المتوقعة في الوقت
الراهن من حيث المدة والكثافة، فإن ذلك سيعمل على تقويض الإستراتيجية
الأفغانية.
الكاتب سوامي: وقوع سلطة المناطق التي يسيطر عليها الثوار في أيدي خليط متنوع من شيوخ القبائل يدعو إلى القلق (رويترز)
ما بعد القذافي
أما
محرر الشؤون الدبلوماسية في الصحيفة ذاتها برافين سوامي فيقول إن إلحاق
الهزيمة بالنظام الليبي ليس صعبا، ولكن إيجاد حكومة متناغمة عندما يتوقف
القتال سيكون التحدي الأكبر.
ويرى سوامي أن ثمة جملة من الأسباب التي تدفع إلى الاعتقاد بأن الحكومة المقبلة قد لا تختلف عن الواقع المرير الذي سبقها.
ومن
هذه الأسباب أن سلطة المناطق التي يسيطر عليها الثوار الآن تقع في أيدي
خليط متنوع من شيوخ القبائل والضباط من ذوي الرتب العسكرية المتوسطة الذين
تخلوا عن النظام للعودة إلى ولاءات "أكثر بدائية".
فزعماء
القبائل في المناطق الشرقية مثل الزاوية ومصراتة الذين كانوا يتمتعون
بالسلطة قبل قدوم القذافي، يجدون الآن فرصة للسيطرة على العائدات النفطية.
وفي الغرب، ترى قبيلة ورفلة التي تعرضت لضغوط من القذافي بعد ثورة 1993 ضد النظام، الفرصة سانحة لتصفية الحسابات.
ويرى
الكاتب أن اتجاه البوصلة الأخلاقية لهذه القيادة الجديدة لا يختلف عن
الاتجاه نفسه الذي تبناه النظام، مستدلا على ذلك بتهديد طارق سعد حسين –وهو
أحد قادة الثوار في بنغازي- لمواطني سكان بلدة القذافي حين قال "إما أن
تنضموا إلينا أو سنقضي عليكم".
كما
أن القبائل الليبية ليست الوحيدة التي ترفع أعلامها في الشوارع، بل هناك
المقاتلون الذين "أسسوا إمارة إسلامية" في درنة، في حين يقال إن الجهاديين
الذين تلقوا تدريباتهم في السودان وأفغانستان يقاتلون إلى جانب الثوار
القبليين.
ويختم
الكاتب بأن شيوخ القبائل قد ينشدون إعادة توزيع غنائم السلطة وليس الثورة،
غير أن العديد من الشباب يرون أن سياسات النظام الموالية للغرب تشكل جذور
المشكلة، وبالتالي يتطلعون إلى تغييرات جوهرية.
ويحذر
من أنه إذا ما استمرت الحرب، فإن التيارات القبلية قد تبحث عن الدعم حيث
تجده، وعندها سيكون من وصفهم بالجهاديين أول من يرحب بهذا الدعم.
دعم عربي
مقال آخر نشرته ديلي تلغراف يدعو إلى ضرورة الحفاظ على الدعم العربي في أي خطوة يتم اتخاذها في هذا الصدد.
وقال
كاتب المقال بوريس جونسون إن القضاء على القذافي قضية نبيلة وصائبة، وإن
العامل الإنساني يحتم علينا تقديم المساعدة لسكان بنغازي، ولكن نجاح هذه
العملية مرهون بالدعم العربي.
وحذر
من أن فقدان الدعم العربي أو عدد كبير من الدول الإسلامية في هذه العملية،
يعني ارتكاب أخطاء ماضية تمثلت في المخاطرة بتعزيز فيروس إرهاب الإسلاميين
داخل المدن البريطانية.
وختم
بأنه إذا ما وصلت الأمور إلى هذه المرحلة، فإنه يتعين علينا التحلي
بالشجاعة والقبول بأن هذه القضية ليست من شأننا ومن ثم دعوة العرب إلى حل
مشاكلهم بأنفسهم.