قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إنه بمجرد أن ارتفعت الطائرة المستأجرة التي حملت ما تبقى من الدبلوماسيين الأميركيين في ليبيا عن مدرج المطار، أغلقت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما السفارة الأميركية في طرابلس، وانتقلت إلى مرحلة تجميد أصول وأموال الزعيم الليبي معمر القذافي وعائلته وحكومته في الولايات المتحدة.
الرئيس أوباما أصدر بيانا ليلة الجمعة متهما القذافي وحكومته باتخاذ "تدابير متشددة ضد شعب ليبيا، بما في ذلك استخدام أسلحة الحرب والمرتزقة والعنف العشوائي ضد المدنيين العزل"، وآمرا بحظر نقل أو سحب أي أموال عائدة لمؤسسات حكومية ليبية أو للقذافي وجميع أبنائه، وحدد البيان بالاسم ثلاثة أبناء وابنة للقذافي.
جهد استخباري
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن أوباما ألغى جميع الاتصالات العسكرية مع ليبيا، وأمر بإعادة توزيع الجهد الاستخباري الأميركي ليركز على القتلى المدنيين هناك، وتتبع نشر القوات الليبية وحركة الدبابات.
وكانت الإدارة الأميركية قد فضلت الانتظار إلى أن يتم إجلاء كافة الرعايا الأميركيين من ليبيا، قبل أن تباشر ممارسة الضغط على القذافي ونظامه، حيث صدر أول رد فعل جدي عنها بعد تسعة أيام من بدء الاحتجاجات الشعبية الليبية وبعد ستة أيام من أول إطلاق نار على المحتجين.
وكانت الأمم المتحدة شهدت عدة تحركات للضغط على القذافي، وقام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف بإدانة "القمع الدموي" للمتظاهرين الليبيين.
ضغط أوروبي
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قالت من جانبها إن الكتلة الأوروبية كانت أكثر إقداما من الولايات المتحدة في التصدي للقذافي.
وقدمت الدول الأوروبية مشروع قرار للضغط على القذافي يشمل إجراءات حظر سفر وتجميد أصول مملوكة القذافي وعائلته، كما يدعو مشروع القرار أيضا لفرض حظر شامل على الأسلحة، وتدعو المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق في "جرائم ضد الإنسانية" في ليبيا.
وقالت الصحيفة إن القذافي لم يظهر حتى الآن أي ميل إلى الرضوخ للضغوط الخارجية. وتعهد بالبقاء في السلطة وقال إنه مستعد لأن "يموت شهيدا".
وقال دبلوماسيون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة إنه لا يوجد هناك مقترحات حتى الآن تأذن بعمل عسكري دولي أو فرض منطقة حظر جوي على ليبيا.
تفويض أممي
الأمين العام لحلف الناتو إندرس فوغ راسموسن، قال في اجتماع يوم الجمعة مع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بوخارست برومانيا إن فرض منطقة حظر للطيران يتطلب تفويضا من الأمم المتحدة.
المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني قال إن شرعية القذافي قد وصلت إلى الصفر، لكنه لفت الانتباه إلى أن العقوبات المزمع اتخاذها ليست لإجبار القذافي على التخلي عن السلطة، مؤكدا أن الشعب الليبي يجب أن يكون الجهة التي تقرر ذلك.
يذكر أن هذا هو الموقف الذي دأبت الإدارة الأميركية على التأكيد عليه خلال موسم الثورات التي بدأت الشهر الماضي في العالم العربي، والتي نتجت عنها الإطاحة بحلفاء للولايات المتحدة.
كارني -الذي تحدث بعيد إقلاع الطائرة التي أقلت آخر مجموعة من الرعايا الأميركيين من ليبيا- نفى أن يكون الرد الأميركي قد جاء متأخرا، وشدد على أن الإدارة الأميركية فعلت الكثير في وقت قصير.
ووفقا لبرقيات الدبلوماسية الأميركية التي سربها موقع ويكيليكس في وقت سابق، فإن البنوك الأميركية تدير أصولا ليبية تقدر بنصف مليار دولار.
ويذكر أن عائدات النفط هي المصدر الرئيس للاقتصاد الليبي، ومعظم عوائده المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات موجودة في مصارف دولية.