أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتجميد كافة الأصول المملوكة للحكومة الليبية والزعيم معمر القذافي وأفراد أسرته، كما فرضت حظرا على الأسلحة إلى ليبيا وأغلقت سفارتها بطرابلس، في تصعيد واضح للموقف ضد النظام الليبي بسبب قمع أجهزته الأمنية الثورة الشعبية المطالبة بتنحي القذافي عن الحكم.
ويأتي التحول في السياسة الأميركية التي اتسمت بالحذر خلال الفترة الماضية مباشرة بعد الإعلان بأن كافة الأميركيين الموجودين في ليبيا باتوا الآن في طريق عودتهم بسلام إلى الولايات المتحدة.
وقال أوباما في بيان الإعلان عن العقوبات مساء الجمعة إن "حكومة معمر القذافي انتهكت بكافة الوسائل المعايير والأعراف الدولية ويجب محاسبتها"، مؤكداً أن "الكرامة الإنسانية لليبيين لا يمكن إنكارها".
وأضاف أن العقوبات تستهدف حكومة القذافي، وتحمي في نفس الوقت الأصول المملوكة للشعب الليبي من تعرضها للنهب من قبل النظام.
وأدان الرئيس الأميركي "انتهاك الحكومة الليبية المتواصل لحقوق الإنسان، والوحشية ضد شعبها والتهديدات العنيفة".
إغلاق السفارة
كما أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في طرابلس وأجلت كافة موظفيها الأميركيين وبقية رعاياها الموجودين في ليبيا على متن طائرات مستأجرة وعبارات نقلتهم إلى مالطا.
ويقول مسؤولون في الخارجية الأميركية إن تعليق عمليات السفارة في طرابلس لا يعني إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا، لأن الولايات المتحدة تريد إبقاء قدرتها على التواصل المباشر مع المسؤولين الليبيين للدعوة إلى ضبط النفس وإنهاء العنف.
وكانت الإدارة الأميركية قد واجهت ضغوطا متزايدة للانضمام إلى المجتمع الدولي في إدانة نظام القذافي الذي تمارس أجهزته قمعا دمويا ضد الشعب الليبي، لكن البيت الأبيض كان يحجم عن اتخاذ موقف متشدد خوفا -حسب قوله- على أرواح الأميركيين هناك.
تصعيد أميركي
ومع رحيل آخر الرعايا الأميركيين من ليبيا سارع المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني عصر أمس إلى الإعلان عن مسودة عقوبات أميركية ضد القذافي، مشيراً إلى أن "شرعية القذافي في أعين شعبه انخفضت إلى الصفر".
وبعد ذلك بساعة أصدر البيت الأبيض قرارا تنفيذيا يتضمن تفصيلا للعقوبات ضد ليبيا موقعة من الرئيس الأميركي.
وبموجب القرار جمدت الولايات المتحدة كافة أصول الحكومة الليبية في البنوك الأميركية وأي مؤسسات أميركية أخرى.
وتنطبق العقوبات كذلك على أصول القذافي وثلاثة من أبنائه وابنته، كما يوجه القرار وزيري الخارجية والخزانة لتحديد أي شخصيات أخرى من كبار المسؤولين في الحكومة الليبية أو أبناء للقذافي وآخرين متورطين في العنف.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب ستيورات ليفي إن المسؤولين يعتقدون بأن "مبالغ كبيرة من المال" سيتم تجميدها بموجب هذا القرار، وامتنع عن إعطاء تقدير لهذه المبالغ.
لكن وفقا لوثيقة مسربة من السفارة الأميركية في طرابلس حصل عليها موقع ويكيليكس، فإن صندوق الثروة السيادية لليبيا يضم 32 مليار دولار نقداً، كما أن "عدة بنوك أميركية يدير كل واحد منها ما بين 300 إلى 500 مليون دولار".
كما حذر البيت الأبيض من أن الولايات المتحدة ستستخدم كامل "قدراتها الاستخباراتية لمراقبة تصرفات نظام القذافي"، وستبحث تحديدا عن أدلة على العنف و"الفظائع" التي ارتكبت ضد الشعب الليبي.
ورغم أن القرار الأميركي قال إن عدم الاستقرار في ليبيا شكل "تهديدا استثنائيا وغير عادي" للأمن الوطني والسياسة الخارجية الأميركية، فإن أوباما لم يصل إلى حد دعوة القذافي صراحة للتنحي كما فعل نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي.
عقوبات أممية
وتأتي العقوبات الأميركية في وقت يستأنف فيه مجلس الأمن الدولي انعقاده اليوم لإصدار قرار بشأن الوضع الأمني المتدهور في ليبيا واتخاذ إجراءات عقابية ضد نظام القذافي.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجلس على العمل بسرعة من أجل وقف إراقة الدماء في ليبيا، وذلك بعدما شن مرتزقة وكتائب أمنية تابعة للقذافي هجمات على متظاهرين يطالبون بإسقاط النظام، مما أدى إلى مقتل المئات في الأيام القليلة الماضية.
وكان مجلس الأمن قد ناقش أمس الجمعة مشروع قرار أعدته بريطانيا وفرنسا يصف ما يجري في ليبيا بأنه عنف منظم يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، ويطالب بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية .