استمر تدفق عشرات الآلاف من المصريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، على معبر السلوم على الحدود المصرية الليبية هربا مما سمّوه "الإرهاب وحرب الإبادة التي يشنها الرئيس الليبي معمر القذافي ضد شعبه والعاملين في ليبيا من الجنسيات الأخرى، خاصة بعد توسع الاحتجاجات التي تطالبه بالرحيل".
وروى عدد من المصريين والأجانب للجزيرة نت، تفاصيل ما أطلقوا عليه "ليالي الرعب" في ليبيا، والاعتداءات التي وقعت عليهم من رجال أمن ومرتزقة القذافي.
وقال أحمد جمال الدين ماضي، ذو الأصول المصرية الليبية إن غالبية الموجودين في محافظتي مصراتة وبني غازي، من ليبيين أو مصريين أو أجانب يلاقون كل أنواع التعذيب والتنكيل والقتل بالأسلحة الثقيلة، على أيدي ما تبقى من رجال أمن القذافي والمرتزقة التابعين إليه.
وأضاف ماضي أن عشرات الآلاف من المصريين يرون الموت في كل ساعة، بسبب تعمد المرتزقة قتل كل من يجدونه في طريقهم وترويع وإرهاب الأهالي، وإشاعة الفوضى بين كل المواطنين، بهدف إثنائهم عن المطالبة بتنحي الرئيس الليبي، وبناء نظام مؤسسي حديث لإدارة وحكم البلاد.
إصرار
وقالت عائشة الحلواني المدرسة التي تعمل في ليبيا منذ عام 2003، إن تصريحات القذافي التي زعم فيها أن المصريين هم سبب الأزمة الليبية، وأنهم يمدون الليبيين بالمخدرات ليستمروا في ثورتهم، جاءت عكس توقعاته، حيث واجهه الأهالي بالمزيد من الإصرار على خلعه من الحكم.
وأضافت أن الشعب الليبي لم يُخدع بما قاله القذافي، وتعامل مع أشقائه المصريين بكل ود واحترام، بعكس المرتزقة الذين كانوا يبحثون عن المصريين لتعذيبهم وقتلهم، ومنعهم من الرجوع إلى بلادهم، بدعوى تسببهم في خراب ليبيا.
واعتبر عبد العزيز قناوي وهو عامل بناء يعمل في ليبيا منذ عام 1998، أن الأيام التي شهدها في الأراضي الليبية منذ بدء الاحتجاجات، هي أسوء أيام حياته.
وأوضح أنه ظل يعمل هناك مدة 13 سنة ليوفر مبلغا ماليا يستطيع أن يزوج به ابنتيه، لكن رجال الأمن قاموا بالاعتداء عليه والاستيلاء على كل أمواله.
وقال قناوي إن رجال أمن القذافي خيروه قائلين "إما أن نأخذ أموالك فقط أو نأخذ روحك أولاً ثم نأخذ حياتك"، مؤكدًا أن ضباط الشرطة الليبية لم يقوموا بقمع المظاهرات منذ بدايتها، لانشغالهم بالاستيلاء على ممتلكات المواطنين الليبيين والأجانب.
معاناة
وقال خالد صادق (33 سنة)، وهو أحد المصريين العائدين من ليبيا، إن الوضع يزداد سوءا خاصة بعد قطع الاتصالات وصعوبة الحصول على الطعام والشراب فضلا قيام المرتزقة بإشعال النيران في المقرات الحكومية والشركات الخاصة والأجنبية بعد نهب محتوياتها.
ويذكر أن هذا الوضع دفعه هو وغيره إلى العودة رغم سماع طلقات الرصاص من حوله مضيفا وقال "في طريق عودتي شعرت إلى حد ما بالأمان بعد ما شاهدت سيطرة الثوار على الكثير من المدن الليبية وقدموا لنا بعض التسهيلات خاصة في الطريق من بنغازي حتى الحدود المصرية عند معبر السلوم".
أما بائعة الملابس الصينية يانغ بينغ التي تعمل في ليبيا منذ ثلاث سنوات، فتقول إنها هي وعدد كبير من الصينيين تعرضوا لإهانة شديدة واعتداءات متكررة على أيدي أفراد الأمن والمرتزقة الأفارقة في طرابلس، وذكرت أنها شاهدت عشرات الجثث ملقاة في شوارع طرابلس والزاوية وأن المستشفيات لا تستوعب عدد الجرحى بسبب نقص الإمكانيات.
وقال مروان بروس وهو باكستاني يعمل في ليبيا منذ 11 عاما إنه استطاع التقاط عدد من الكلمات التي يتحدث بها المرتزقة الأفارقة وترجمها، مؤكدًا أنهم كانوا يعتدون على الجميع بهدف إثارة الرعب بين المحتجين، وإثنائهم عن استمرار الثورة.
وأشار بروس إلى أن كل الموجودين في طرابلس ومصراتة، معرضون للإبادة الجماعية، بسبب اعتماد القذافي على الطيران والأسلحة الثقيلة، في قمع مطالب المواطنين الليبيين.