أدان معظم زعماء العالم الرئيس الليبي معمر القذافي لإطلاقه العنان لقمع وحشي راح ضحيته المئات من أبناء بلده لكنه رغم ذلك ما زال مؤيدا من قبل أكثر الحكام اليساريين استبدادا في أميركا اللاتينية الذين تربطهم به علاقات ممتدة حسب ما تقول صحيفة وول ستريت جورنال.
وتنقل الصحيفة عن ما تسميه الدكتاتور الكوبي المتقاعد فيدل كاسترو هذا الأسبوع قوله إن الوقت مبكر جدا لانتقاد الحكومة الليبية وحذر من قيام حلف شمال الأطلسي (ناتو) بغزو ليبيا بإيعاز من "الإمبريالية" الأميركية.
كذلك، تقول الصحيفة، تحدث رئيس نيكاراغوا السابق دانيل أورتيغا إلى القذافي هاتفيا معربا عن تضامنه معه ضد المتمردين الليبيين.
بينما ظل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز -وهو صديق قديم للقذافي- صامتا على الوضع الليبي رغم إدانة زعماء مجاورين مثل رئيس بيرو لأعمال القذافي. لكنه خرج على الملايين من أتباعه فجأة يوم الخميس على موقع التواصل الاجتماعي تويتر صائحا "تحيا ليبيا واستقلالها" وكتب أن القذافي يواجه حربا أهلية.
وقالت وول ستريت جورنال إن العلاقات بين القذافي وشافيز كانت وطيدة جدا لدرجة أنه قد تم تداول شائعات هذا الأسبوع بأن القذافي فر إلى فنزويلا على طائرته الخاصة وهو ما دفع القذافي إلى الظهور أمام الكاميرات لدحض هذا التكهن.
رفقاء السلاح
وأشارت الصحيفة إلى أن الزعماء الأربعة كانوا يرون أنفسهم كرفقاء سلاح في مجهود دولي لمكافحة النفوذ الأميركي في الخارج. ويذكر أن كاسترو وأورتيغا تقلدا السلطة من خلال ثورة وشافيز، الذي كان ضابطا في الجيش مثل القذافي، فشل في محاولة انقلابية عام 1992 قبل لجوئه إلى السياسة الانتخابية بعد سبع سنوات. وكان لكل واحد منهم تفسيراته الغريبة للاشتراكية.
وأضافت أن شافيز اقتبس من الكتاب الأخضر للقذافي لثورته البوليفارية وكانت فكرته عن اللجان الثورية مستوحاة معظمها من فكرة القذافي للجان الشعبية.
كما اقتبس الزعيم الفنزويلي أكثر من مجرد أفكار. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي قال شافيز إنه سيترك قصره الرئاسي للنازحين من شعبه بسبب الفيضانات الغزيرة التي ضربت البلاد وينتقل إلى خيمة بدوية كبيرة تركها له القذافي بعد زيارة لكاراكاس قبل عامين.
يذكر أن شافيز -الذي زار القذافي في طرابلس أكثر من عشر مرات- وقع مؤخرا اتفاقية اقتصادية معه قيمتها مليار دولار وأهداه محمية طبيعية كان قد صادرها مؤخرا لزراعة الأرز وتربية المواشي. ورد القذافي الجميل بالميداليات والهدايا، بما في ذلك تسمية ملعب رياضي في بنغازي باسم هوغو شافيز عام 2009. وعبر السنين قدم القذافي ملايين الدولارات لحركة أورتيغا الثورية بل إنه أقرض رئيس نيكاراغوا طائرة رئاسية عندما زار أورتيغا ليبيا عام 2007.
ونبهت الصحيفة إلى أن الثورة ضد حكم القذافي الذي دام 42 سنة من المحتمل أن توتر الصداقات القديمة. فقد كان كاسترو أول من علق على الاضطرابات عندما حذر من أن الحكومة الأميركية سعت منذ زمن طويل للسيطرة على نفط القذافي وتحطيم تقدمه الثوري.
وقال كاسترو "من الواضح لي تماما أن الحكومة الأميركية غير معنية بسلام شامل في ليبيا ولن تتردد في إعطاء الأمر للناتو بغزو هذا البلد الغني، ربما خلال ساعات معدودة أو أيام قليلة".
وأشارت الصحيفة إلى ما يقوله محللون بأن تأييد أو سكوت أصدقاء القذافي الثوريين القدامي في أميركا اللاتينية يؤكد على التناقض المتغلغل في هذه الحكومات. وفي الوقت الذي يتمنون فيه للقذافي حظا جيدا يوحدون أيضا صفوفهم ضد نفس نوع الثورة الشعبية التي أتت بهم إلى السلطة في نهاية القرن العشرين.