تناولت الصحف البريطانية الموضوع الليبي بكثافة، ففي حين أبرزت الدايلي تلغراف مخاوف من وجود أسلحة كيميائية لدى العقيد معمر القذافي، تحدثت التايمز عن الجهد الدولي للضغط عليه وإجباره على الرحيل، بينما استنكرت إحدى المقالات في الغارديان دعم رؤساء أميركا اللاتينية للقذافي. أما صحيفة فايننشال تايمز فقد أبرزت دعوة رئيس الوزراء البريطاني إلى تسليح الثوار الليبيين.
الدايلي تلغراف قالت إن هناك اعتقادا بأن القذافي أعاد إنتاج 14 طنا من الأسلحة الكيميائية، بعد تعهده عام 2003 بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل.
ويعتقد أن الأسلحة مخبأة في مكان سري في الصحراء الليبية، على حد قول الصحيفة التي نوهت بأن المواد الكيميائية ما زالت بحاجة إلى عملية خلط وتعبئة في رؤوس متفجرة، ومن ثم تحميل الرؤوس على قنابل قابلة لحمل رؤوس كيميائية، إلا أنها رغم ذلك "تعد مصدر قلق".
ونسبت الصحيفة إلى مصدر حكومي بريطاني قوله "علينا التأكد من أنها (الأسلحة الكيميائية) دمرت".
وقد برزت المخاوف من امتلاك القذافي لأسلحة دمار شامل بعد أن صرح أحد المتحدثين باسمه بأن الوضع سيؤدي إلى مقتل مئات الآلاف في بلاده التي تنزلق بسرعة نحو حرب أهلية.
وفي موضوع آخر، قالت صحيفة التايمز البريطانية إن بريطانيا وحلفاءها في حلف الناتو يخططون لإرسال طائرات حربية إلى ليبيا لدعم الثوار، في مسعى غربي للضغط على الزعيم الليبي معمر القذافي ومنع مأساة إنسانية.
حظر للطيران
ووصفت الصحيفة رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون بأنه الأكثر تحمسا بين القادة للضغط على القذافي، وأنه أمر رئيس الأركان البريطاني ديفد ريتشاردس بدراسة سبل تأمين المجال الجوي الليبي كمنطقة يحظر فيها الطيران. وتهدف الخطوة إلى إسقاط أي طائرة ليبية تحلق في المجال الجوي الليبي لمنع القذافي من قصف أبناء شعبه، على حد وصف الصحيفة.
وفي السياق ذاته، قالت الدايلي تلغراف إن التحرك الغربي أتى بعد أن وردت اتهامات للقذافي بأنه أمر قواته الجوية بمهاجمة محطة إذاعية يستخدمها الثوار في بنغازي. كما قُصف مستودع للسلاح يستخدمه الثوار في مدينة أجدابيا جنوب طرابلس.
أما صحيفة فايننشال تايمز فقد وصفت خطاب ديفد كاميرون الليلة الفائتة بأنه الأكثر شراسة في مجال السياسة الخارجية منذ تبوؤه رئاسة الوزراء، وأبرزت دعوته إلى أن تبادر بريطانيا بتسليح الثوار الليبيين الذين يسعون لإزاحة القذافي عن حكم البلاد.
دعم لاتيني
صحيفة الغارديان نشرت مقالا لأستاذ دراسات أميركا اللاتينية في جامعة غلاسكو البريطانية مايك غونزاليس، تعجب فيه من مبادرة رؤساء دول أميركا اللاتينية وهبتهم لنجدة القذافي، وتساءل: "كيف يمكن لرؤساء جاؤوا إلى الحكم عن طريق حركات ديمقراطية جماهيرية، أن يقفوا ضد حق الشعب الليبي في الإطاحة بدكتاتور؟".
ووصف غونزاليس رد فعل قادة أميركا للاتينية بأنه مقلق، حيث احتضن الرئيس الفنزويلي رأي فيدل كاسترو القائل بأن مجرد رؤية الصحافة الأميركية تهلل وتطبل للثوار ولا تفتأ تدين تصرفات القذافي، هو أمر يدعو إلى القلق بشكل مباشر.
واستمر غونزاليس في استهجانه لموقف قادة أميركا اللاتينية، وقال إن رئيس نيكاراغوادانييل أورتيغا -الذي حرص على الظهور أمام وسائل الإعلام مدافعا عن القذافي- هو نفسه عضو قيادي في حركة ساندينيستا الوطنية التحررية، التي أتت إلى السلطة بعد ثورة شعبية على الدكتاتور أنستاسيو ساموزا استمرت لشهرين في منتصف عام 1979.
دروس من التاريخ
رئيس معلقي قسم السياسة الخارجية في صحيفة فايننشال تايمز جدعون راتشمان كتب مقالا يرى فيه أنه من الأفضل أن يعتمد الشعب الليبي على نفسه في تحرير بلاده من قبضة القذافي.
وعلل راتشمان اجتهاده بأن دروس التاريخ القريب تثبت أن الاعتماد على التدخل الخارجي لتحقيق مطلب شعبي داخلي دائما ما يفقد ذلك المطلب شرعيته، لينتهي إلى مزيد من الفوضى وسفك الدماء.
ويضرب الكاتب مثلا على ذلك بحرب العراق، حيث يقول إنه على الرغم من أن صدام حسين لم يكن له الكثير من الموالين خارج إطار عشيرته، فإن تغييره بواسطة قوات عسكرية أجنبية لم تمتلك التفويض الأممي اللازم، أفقد "العراق الجديد" شرعيته، وما زال حكام العراق الجدد يعانون من عدم الاعتراف الكامل بأهليتهم للحكم، ناهيك عن الفوضى وسفك الدماء الذي ما زالت الولايات المتحدة متهمة بارتكابهما أو بالتسبب فيهما.